القرآن الكريم روضة المربِّين والدَّارسين

محمد يوسف الجاهوش


الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد، وعلى جميع إخوانه من الأنبياء والمرسلين، وآل كلٍّ، وصحْبِ كلٍّ، أجمعين. وبعد،،،

فقد بعث الله تعالى محمدًا - صلَّى الله عليه وسلَّم - مبشّرًا ونذيرًا، وداعِيًا إلى الله بإذنه وسِراجًا مُنيرًا، وأنزل عليه القرآن، معجزة خالدة مستمرة، ما تعاقب الليل والنهار، وتحدَّى به الثَّقَلين من الإنس والجِنّ، فأذعن لفصاحته بلغاؤهم، وانقاد لحكمته حكماؤهم، وانبهر بأسراره علماؤهم، وانقطعت حُجة معارضيه، وظهر عجزهم، كيف لا‍؟! وهو كلام الحكيم الخبير، الذي خلق الخلق بعلمه، وتَعَبَّدهم بِقُدرته، فأنزل إليهم ما فيه صلاحهم ونجاحهم في الدارين {أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} [الملك: 14].


فالقرآن كلام الله تعالى، أحكم آياته بإرادته، وحفِظه بقدرته، يسَّر ذكره للذاكرين، وسهَّل حفظه للدارسين، فهو للقلوب ربيعُها، وللأبصار ضياؤها، جعله الله تعالى نورًا، وإلى النور يهدي، وحقًّا، وإلى الحق يُرشد، وصراطًا مستقيمًا، ينتهي بسالكيه إلى جنة الخلد، لا تملُّه القلوب، ولا تتعب من تلاوته الألسنة، ولا يخلق على كثرة الردِّ.


منزلة القرآن عند الله تعالى وعند رسوله - صلَّى الله عليه وسلَّم-:

لقد أبرزت النّصوصُ القرآنية منزلة القرآن العُليا ومكانته الرفيعة ومدى العناية الإلهية بهذا الكتاب الكريم.


وتجلَّى ذلك في جوانب متعددة، من أبرزها:

1- حِفظُ الله تعالى للقرآن الكريم من الضياع، ومن التحريف والتبديل، والزيادة والنقصان، قال تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر: 9].

2- جَمْعُ الله تعالى القرآنَ في صدر النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - وتثبيتُه، فلا ينسى منه شيئًا أبدًا، قال تعالى: {لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ * إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآَنَهُ * فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآَنَهُ * ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ} [القيامة: 16-19].


3- معارضةُ جبريل النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - بالقرآن:

فقد كان جبريل - عليه السلام - يعارض النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - بالقرآن مرة كل سنة، وعارضه سنة وفاته مرتين؛ وذلك ليطمئن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - إلى ضَبْطه وحفظه، وعدم نسيان شيء منه.


4- الأمر بترتيب سور القرآن وآياته:

فقد أوحى الله تعالى إلى رسوله - صلَّى الله عليه وسلَّم - بترتيب سور القرآن، وكذلك ترتيب الآيات داخل السور على الشكل الموجود في المصحف الذي جمعه سيدنا عثمان - رضي الله عنه.


5- أمر الله تعالى بتحكيم القرآن:

قال تعالى: {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ} [المائدة: 49].

عناية الرسول - صلى الله عليه و سلم - بالقرآن:


أمَّا رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - فقد بيَّن لنا بأفعاله وأقواله رِفعة منزلة القرآن الكريم، وأنَّه - صلَّى الله عليه وسلَّم - كان شديد الحِرص على العناية به، وتوجيه المسلمين إلى العناية التامَّة بالقرآن تعلُّمًا وتعليمًا، وفَهمًا وتطبيقًا، ومن أبرز ذلك:


1- الأمر بكتابة القرآن، وعدم كتابة الحديث:

فقد روى الإمام مسلم وغيرُه عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((لا تَكْتُبوا عنّي، ومن كتب عنّي غيرَ القُرآنِ فليَمحُه، وحدِّثوا عني ولا حرج، ومن كذب عليَّ متعمِّدًا فليتبوَّأ مقعده من النار)).

وذلك في بداية تَنزُّل القرآن، ودام الحال حتى أصبح الصحابة على دِراية بأسلوب القرآن، ولم يَعد هناك خشية من التباس الأمر بينه وبين غيره من الكلام، عندها سمح - صلَّى الله عليه وسلَّم - بكتابة الحديث النبوي الشريف.


2- الحثّ على قراءة القرآن وبيان فضلها:

فقد روى مسلم وغيره عن أبي أُمامة الباهلي أنه قال: "سمعت رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - يقول: ((اقرؤوا القرآن؛ فإنَّه يأتي يوم القيامة شفيعًا لأصحابه، اقرؤوا الزَّهراوين: البقرة وسورة آل عمران؛ فإنّهما يأتيان يوم القيامة كأنَّهما غَمامتان، أو كأنهما غيايتان، أو كأنهما فرقان من طير صوافَّ، تُحاجَّان عن أصحابِهما، اقرؤوا سورة البقرة؛ فإنَّ أخذها بركة، وتَركها حسرة، ولا تستطيعها البطلة))[1].


3- الحث على حفظ القرآن واستظهاره:

فقد روى الترمذي عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - أنه قال: "قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((من قرأ القرآن واستظهره، فأحلَّ حلاله، وحرَّم حرامه، أدخله الله به الجنة، وشفَّعه في عشرة من أهل بيته، كلهم وجبت له النار))[2].


4- التَّزويج على حفظ القرآن:

فقد كان - صلَّى الله عليه وسلَّم - يُزوِّج الرجل، ويجعل حفظه للقرآن، أو بعض سور القرآن بدلا من المهر، كما روى ذلك البخاري والترمذي.


5- الحث على تعلُّم القرآن وتعليمه:

فقد حث - صلَّى الله عليه وسلَّم - المسلمين على تَعلُّم القرآن وتعليمه؛ وذلك لأنَّ القرآن الكريم هو المصدر الأول للدين الإسلامي، وقد روى البخاري وغيره عن عثمان بن عفان - رضي الله عنه - عن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - أنه قال: ((خيركم من تعلَّم القرآن وعلمه)) [3].


6- النهي عن حمل القرآن إلى أرض العدو:

فقد نهى - صلَّى الله عليه وسلَّم - المسلمين عن حمل القرآن إلى أرض العدو؛ وذلك حفاظًا عليه من الإهانة أو العَبَث به، أو وضعه في مكان غير لائق به.

روى البخاري وغيره: "عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - أن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - نهى أن يُسافَر بالقرآن إلى أرض العدو".


7- الوصية بكتاب الله تعالى:

فقد أوصى - صلَّى الله عليه وسلَّم - المسلمين عند وفاتِه بالتَّمسُّك بكتاب الله - تعالى - والعمل به، فقد روى البخاري عن عبد الله بن أبي أوفى: "أن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - لم يُوصِ بمال ولا بغيره، وإنما أوصى بكتاب الله عز وجل".

والمسلم مُطالَب - وليس له خيار - أن يكون هذا الكتاب الكريم دليل دربه، ودستور حياته، في خَلوته وجَلوَته، والأمة مطالبة - وليس لها خيار - أن يكون القرآن الكريم دستورها، ومصدر تشريعها، تصدر عنه في دقائق وجلائل الأمور، على كل مستوى، وفي كل مجال، بقوانينها وتنظيماتها الداخلية، وبتشريعاتها وعَلاقاتها الدولية؛ ويوم أن تفعل ذلك، تنتظر نصر ربها الذي وعد عباده المؤمنين.


ما يربط المسلم بكتاب الله:

والخُطوة الأولى التي تربِط المسلم بالقرآن وتفتح أمام دارسيه آفاقًا من النور والمعرفة، هيتلاوته:

وقد استنبط أسلافنا - من نصوص الكتاب والسنة - ضوابط وآدابًا للتلاوة، تحقِّق مراعاتُها الغاية المَرجُوَّة منها.


آداب تلاوة القرآن الكريم:

1- الإخلاص: وهو أن يقصد بقراءته وجه الله تعالى؛ فالإخلاص أساسُ قَبول كل عمل {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} [البينة: 5]، ومن كلام ابن عباس: "إنما يُعطى الرجل على قدر نيته".


2- طهارة البدن من الحدث الأكبر والأصغر، ومن الحيض والنفاس، ونظافة الثوب والمكان، وأن يستاك؛ ليكون فمُه نظيفًا؛ لأنه مجرى كلام الله - عز وجل - ومن كلام علي - رضي الله عنه-: "إن أفواهكم طرق للقرآن؛ فطيِّبوها بالسِّواك".


3- الاستعاذة بالله من الشيطان عند البدء:

قال تعالى: {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآَنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} [النحل: 98]، ثم يُسمي الله في أول السورة. ويرى الشافعيَّة أنه يُسمي الله إذا بدأ قراءته من وسط السورة كذلك.


4- التَّدبُّر والتفكُّر في معاني ما يَقرأ أو يَسمع، ولو اقتضاه هذا التدبر أن يُردِّد الآية مرات كثيرة؛ لأن هدف التلاوة إنما هو فَهم الخطاب الرَّباني، والوقوف عند أوامره ونواهيه، وقد بَيَّن لنا ربنا - عز وجل - أنه إنما أنزل القرآن من أجل تدبُّر آياته، والتفكُّر في معانيه ومقاصده؛ لتفقَه القلوب ما فيه من حقائق وتوجيهات، فتَصدُر عن وعي وإدراك، وتُطبّق عن فهم واطمئنان.

ومن كلام عليٍّ - رضي الله عنه -: "لا خير في عبادة لا فقه فيها، ولا في قراءة لا تدبُّر فيها". وقال ابن مسعود: "من أراد علم الأوَّلين والآخرين، فليتدبر القرآن".

كما ذمَّ الله - سبحانه وتعالى - من يغفل عن تدبر القرآن؛ فيُعرض عنه إعراضًا تامًّا، أو يتلوه وهو غافل لاهٍ عن التأمل والتدبر في نصوصه وأحكامه، قال تعالى: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} [محمد: 24]. وقال تعالى: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آَيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ} [ص: 29]. وصحَّ عن أبي ذر أن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - قام بآية يردِّدها حتى أصبح، وهى قوله عز وجل: {إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [المائدة: 118].

وعن عوف بن مالك - رضي الله عنه - قال: "قمت مع النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - ليلة، فقرأ سورة البقرة، لا يمر بآية رحمة إلا وقف وسأل، ولا يمر بآية عذاب إلا وقف وتعوَّذ"[4].


5- أن يتذكر القارئ من واقع حاله ما هو موافق لما يطلبه ربنا عز وجل في كتابه، وما هو مخالف وقائم على غير هدى من كتاب الله؛ ليعمل على تدارك التقصير، ويزداد نشاطًا في فعل الخيرات، قال تعالى: {وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَذَا الْقُرْآَنِ لِيَذَّكَّرُوا وَمَا يَزِيدُهُمْ إِلَّا نُفُورًا} [الإسراء: 41].



6- أن يحرِص على النَّظر في المصحف ولو كان حافظًا مُتقِنًا؛ لأن النظر في المصحف ضَرْب من العبادة، روى البيهقي عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((أعطوا أعينكم حظَّها من العبادة)). قالوا: "وما حظُّها من العبادة؟" قال: ((النظر في المصحف)).


7- أن يتحرى أوقات حضور قلبه وخشوعه، فيستغلها بالتلاوة والتدبر، وأهمها: ما كان عقب الصلاة المفروضة، وفي هَدْأة الليل وسكونه، قال تعالى: {أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآَنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآَنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا} [الإسراء: 78]. والنصف الأخير من الليل أفضل من الأول، والقراءة بين المغرب والعشاء محبوبة، وأفضل قراءة النهار بعد صلاة الصبح، ويُفضَّل من الأيام: الجمعة، والاثنين، والخميس، ويوم عرفة، والعشر الأواخر من رمضان، والعشر الأوائل من ذي الحَجة، ورمضان شهر القرآن "التبيان" للإمام النووي[5].


8- وعلى سامع التلاوة الإنصات، وتأمل المعاني، ومتابعة القارئ، والابتعاد عن اللَّغو والكلام أثناء سماع التلاوة؛ فإن ذلك من أسباب نزول رحمة الله عز وجل، وقال تعالى: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآَنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ}. [الأعراف: 204].


9- ويستحب للقارئ وللسامع إذا قرأ أو سمع آية رحمة أن يسأل الله من فضله، وإذا مرَّ بآية عذاب أن يستعيذ بالله من الشر، أو من العذاب، سواء أكان يقرأ في الصلاة أم خارجها، ويستوي في ذلك المنفرد، والإمام، والمأموم[6]، فقد صحَّ عن حُذيفة بن اليمان أنه صلى خلف النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - ذات ليلة، فكان إذا مرَّ بآية فيها تسبيح سبَّحَ، وإذا مرَّ بسؤال سأل، وإذا مرَّ بتعوُّذ تعوَّذ[7].


10- أن يتجنب القارئ قطع قراءته، فيبتعد عن الكلام والضَّحك أثناء القراءة، إلا كلامًا يُضطر إليه؛ فقد أخرج البخاري في صحيحه: "أن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - كان إذا قرأ القرآن لا يتكلم حتى يفرُغ مما أراد أن يقرأه"[8].


11- تزيين الصوت وترقيقه، بما لا يُعَد تكلُّفًا؛ فإن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - كان يُحب سماع القرآن من ذوي الصوت الحسن، وقد صحَّ عنه - صلَّى الله عليه وسلَّم - أنه قال: ((زيِّنوا القرآن بأصواتكم))؛ رواه أبو داود، والنسائي. وأثنى على أبي موسى الأشعري؛ لحُسن صوته بقوله: ((لقد أوتيت مِزمارًا من مَزامير آل داود))[9].


12- وينبغي لقارئ القرآن أن يُرتل قراءته ويُجوِّدها؛ قال تعالى: {وَرَتِّلِ الْقُرْآَنَ تَرْتِيلًا} [المزمل: 4].

ولو قال قائل بوجوب الترتيل لكان أقرب إلى ظاهر ما يدل عليه النص القرآني؛ ولذا قال الزركشي: "على كل من قرأ القرآن أن يُرتله، وقد سئل علي - رضي الله عنه - عن الترتيل فقال: هو تجويد الحروف، ومعرفة الوقوف".

وقد نعتت أم المؤمنين أم سلمة - رضي الله عنها - قراءة رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - بأنها كانت: "قراءة مفسَّرةً: حرفًا، حرفًا"[10].

عن ابن عباس: أن رجلاً قال له: "إني أقرأ المُفصَّل في ركعة واحدة". فقال له: "هذًّا كهذِّ الشعر؟! إن قومًا يقرؤون القرآن لا يُجاوز تراقيَهُم! ولكن إذا وقع في القلب فيرسخ فيه نفع". وقال أيضًا: "لا تنثروه نثر الدَّقَل[11]، ولا تَهذوه هذَّ الشعر، قِفوا عند عجائبه، وحرِّكوا به القلوب، ولا يَكن همُّ أحدكم آخر السورة".


13- خشوع القلب، وسكون الجوارح، واستحضار عظمة من أنزل القرآن - سبحانه وتعالى - والبكاء خوفًا من الله تعالى، ومحاولة التباكي إن لم يَتأتَّ له البكاء؛ فقد أثنى الله على أقوام لبكائهم عند سماع آياته: قال تعالى: {وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آَمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ} [المائدة: 83].

وقد روى ابن مسعود أنه قرأ على رسول الله، فلما وصل إلى قوله تعالى: {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا} [النساء: 41]، نظر إلى رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - فإذا عيناه تَذْرِفان[12].


14- الدعاء بعد كل تلاوة بما يتناسب والآيات التي تلاها، ويَتأكَّد الدعاء بعد ختم القرآن الكريم، فهو مَظِنَّة الاستجابة، قال مجاهد: "كانوا يجتمعون عند ختم القرآن، ويقولون: تنزِل الرحمة".

عن أنس - رضي الله عنه - أنه كان إذا ختم القرآن جمع أهله ودعا[13].

وعنه - رضي الله عنه - مرفوعًا: ((من قرأ القرآن، وحمِد الربَّ وصلى على النبي- صلَّى الله عليه وسلَّم - واستغفر ربه، فقد طلب الخيْرَ مَكَانَهُ))[14].


15- يُسن إذا فرَغ من الختمة أن يَشْرَع في ختمةٍ جديدةٍ مباشرة؛ ليكون متواصل القراءة دون فترة أو مهلة أو تقاعُس بعد الختمة.

قال - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((أحب الأعمال إلى الله الحالُّ المُرتحِل، الذي يضرب من أول القرآن إلى آخره، كلما حلَّ ارتحل))[15].

وعن ابن عباس، وأُبيِّ بن كعب - رضي الله عنهما -: "أن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - كان إذا قرأ: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} [الناس: 1]، فتح من الحمد، ثم قرأ من البقرة: {وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [البقرة: 5]، ثم دعا بدعاء الختمة ثم قام"[16].


فضل التلاوة وثوابها:

إن فضل التلاوة عظيم، وثوابها جزيل، ومنزلة العبد عند ربه بمقدار قربه من كتابه - عز وجل - ومُعايَشته له، وكثرة تلاوته، وإقامة أحكامه، قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ * لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ} [الرعد: 29-30].

فانظر يا أخي إلى فائدة التلاوة وثواب المُثابِرين عليها، إنها مِفتاح كل خير، وسبيل المحافظة على الصلوات واطمئنان النفس إلى فضل الله وموعوده، فتراها تجود و تبذل، لا تخشى إلا الله - عز و جل.

- إنهم ممن وعدهم الله - تعالى - بالتجارة الرابحة في ديناهم وأخراهم.

- وتعهَّد لهم ربنا - عز وجل - أن يُوفِّيَهم أجورهم كاملة غير مَنقوصَة.

- أن يزيدهم من فضله، ثوابًا فوق ثوابهم، وجزاء يفوق ما استحقُّوه بأعمالهم.

- ويَختِم لهم بالمغفرة (إنه غفور شكور)، وما الذي يرجوه المؤمن من بعد هذا؟!

وإن تلاوة القرآن بفَهم وتدبر وخشوع تُحقِّق الخير الكثير لصاحبها؛ فهو يَنال زيادة على ما تقدم:


عُلوُّ المنزلة عند الله تعالي:

منزلة قارئ القرآن تَرتفع وتترقَّى كلما أخلص النية وابتغى وجه الله - تعالى - وكلما ازدادت صلته بكتاب الله - عز وجل.

قال - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((يُقال لصاحب القرآن: اقرأ وارتَقِ ورتل، كما كنت تُرتِّل في الدنيا؛ فإنَّ منزِلَتَك عند آخِرِ آيَةٍ تَقْرَؤُها))[17].


وقارئ القرآن أحد رجلين:

رجل آتاه الله مَلَكة الفصاحة والبيان والنطق السليم، فهو مع السفرة الكرام البررة.

ورجل لم يَنشَأ على الفصاحة والبيان؛ لعُجمته، أو بعده عن العلم والعلماء.

وكلاهما في منزلة عالية رفيعة.

عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: "قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((الذي يقرأ القرآن وهو ماهِرٌ به، مع السفرة الكِرام، البَررة، والذي يقرأ القرآن وهو يَتَعْتَع فيه، وهو عليه شاق له أجران))"[18].

وفي الحديث الصحيح أن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((إن الله يرفع بهذا الكتاب أقوامًا ويَضع آخرين))[19].


مضاعفة الأجر:

وقارئ القرآن تُضاعف حسناته، ويُجزل الله - تعالى - أجره؛ قال - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((مَن قرأ القرآن، له بكل حرف حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول: (الم) حرف، ولكن ألف حرف، ولا م حرف، وميم حرف))[20].


وعن عقبة بن عامر - رضي الله عنه - قال خرج علينا رسول الله ونحن في الصُّفَّة، فقال: ((أيُّكم يحب أن يغدو كل يوم إلى بُطْحان - أو إلى العَقيق - فيأتي منه بناقتين كَوْماوَين، في غير إثم، ولا قطيعة رحم؟)) فقلنا: "يا رسول الله، كلنا نحب ذلك". قال: ((أفلا يغدو أحدكم إلى المسجد فيتعلم - أو فيقرأ - آيتين من كتاب الله - عز وجل - خير له من ناقتين، وثلاث خير من ثلاث، وأربع خير من أربع، ومن أعدادهن من الإبل)).


الشفاعة:

والقرآن يأتي شفيعًا يوم القيامة لمن تعاهده بالدرس والفَهم والعمل؛ لذلك حثَّ الرسول - عليه الصلاة والسلام - على قراءته، قال - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((اقرؤوا القرآن؛ فإنه يأتي يوم القيامة شَفيعًا لأصحابه))[21].

وروى مسلم أيضًا أن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((يؤتى بالقرآن وأهله الذين يَعملون به، تَقْدمهم سورة البقرة وآل عمران، تُحاجَّان عن صاحبهما))[22].

فالقرآن شافِع، مُشفَّع، وماحِل (مدافع) مُصدَّق، مَن جعله أمامه قاده إلى الجنة، ومن جعله خلفه ساقه إلى النار))[23].


حصول البركة لبيوت حملة القرآن:

وحامل القرآن الذي يتلوه، ويحرِص على تنفيذ أحكامه، ينال بركة وثواب ذلك في

نفسه، وفي ولده، وجميع أهل بيته.

قال عبد الله بن مسعود: "إن هذا القرآن مَأدُبة الله فمَنِ استَطَاع منكم أن يتعلم منه شيئًا فليفعل، فإن أصفر البيوت من الخير - الذي ليس فيه من كتاب الله شيء، وإنَّ البَيْتَ الَّذي ليس فيه من كتاب اللَّه شيءٌ كخراب البيت الذي لا عامر له، وإن الشيطان يخرج من البيت الذي يسمع منه سورة البقرة".


نزول السكينة:

عن البراء بن عازب - رضي الله عنه - قال: "كان رجل يقرأ سورة الكهف، وعنده فرسٌ مربوط بشَطَنين، فتغشَّته سحابة، فجَعَلت تدور وتدنو، وجعل فرسُه ينفِر منها، فلما أصبح أتى النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - فذكر ذلك له، فقال - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((تلك السكينة، تنَزَّلت للقرآن))"[24].

وفى "صحيح مسلم" عن أبي هريرة، أن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله - تعالى - يتلون كتاب الله، ويَتدارسونه فيما بينهم، إلا نزلت عليهم السكينة وغَشِيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده))[25].


فاحذرْ أخي المسلم أن تَشغَلك أمور الحياة - أيًّا كانت - عن صِلتك بكتاب الله - عز وجل - تلاوة وفهمًا؛ فشواغِل الحياة لن تنقضي ما دامت الحياة.

وفرق كبير بين من يواجه الحياة وأحداثها ومشاغلها مَوصولَ الحبال بربه مُتزوِّدًا من كلامه، وبين من يُواجهها ضعيف الصلة بمصدر العزة - القرآن الكريم - قليلَ التَّزوُّد من معينه وفضائله، وإن الوقت الذي يعيشه المسلم مع كتاب ربه ليس وقتًا ضائعًا، ولا يتوقَّف بسببه أيُّ عمل من الأعمال، إنَّهُ وقْتٌ يكتسب المسلم فيه طاقة إيمانية وقوة روحية تضاعف من همته ونشاطه، وتنعكس آثارُها الإيجابيَّة على نفسيَّته.

ثم هو وقت مبارَك، ويبارك الله بسببه في بقية الأوقات، ويعطي صاحبه أفضل مما يؤمِّل، قال - صلَّى الله عليه وسلَّم - فيما يَرويه عن ربّه عز وجل: ((من شغله القرآن وذكري عن مسألتي، أعطيته أفضل ما أعطي السائلين))[26].


فضل حفظ القرآن:

المحافظة على القرآن والتحذير من نسيانه:

إن من أوتي حفظ القرآن كله أو حفظ بعضه، فقد أوتى حظًّا عظيمًا، ورُزق خيرًا عميمًا، وإنْ ظنَّ أن أحدًا أوتي خيرًا منه فقد حقَّر ما عظَّمَ اللهُ - عز وجل؛ لذلك جاءت الأحاديث النبوية صحيحةً صريحة تحذِّر من نسيان القرآن، وتَحثُّ على تعهده بمداومة التلاوة؛ لتثبيت الحفظ، فعن أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - عن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((تعاهدوا هذا القرآن، فوالذي نفسي بيده، لهو أشدُّ تَفلُّتًا من الإبل في عُقُلها))[27].

وعن عمر - رضي الله عنه - أنَّ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((إنَّما مثل صاحب القرآن كمثل صاحبِ الإبل المعقَّلة، إن عاهد عليها أمسكها، وإن أطلقها ذهبت))[28].


إكرام أهل القرآن:

القرآن كلام الله تعالى القديم، وحبله المتين، وحملته هم أولياء الله تعالى، ما حافظوا عليه، واهتموا بفهمه، وحرَصوا على تبليغ تعاليمه، فلا عجب أن يكونوا موضع الإكرام والإجلال.

قال - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((إن من إجلال الله تعالى إكرام ذي الشيبة المسلم، وحامل القرآن غير الغالي فيه، ولا الجافي عنه، وإكرام ذي السلطان المقسط))[29].

ومن كرامة أهل القرآن على ربهم أن جعلهم مُقدَّمين على غيرهم في حياتهم وبعد مماتهم.

عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - أن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - كان يجمع بين الرجلين من قتلى أحد، ثم يقول: ((أيهما أكثر أخذًا للقرآن؟)) فإذا أشير إلى أحدهما قدَّمه في اللَّحد))[30].


فليت من أكرمهم الله - تعالى - بحفظ كتابه وحمل رسالته يدركون منزلتهم عند ربهم - عز وجل - ويؤدُّون واجبهم تجاه الأمانة التي حُمِّلوها؛ فإن ذلك عِزُّهم وشرفهم في الدنيا، ورصيدهم الذي يرفع مكانتهم يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.


أخلاق حامل القرآن:

ينبغي أن يكون حامل القرآن هو رجل الدعوة، ورجل الدعوة يجب أن يكون رجل القرآن مُتحليًا بأكرم الشمائل، مَصونًا عن دنيء المكاسب، مترفِّعًا على الجبابرة والطغاة، مُتجافِيًا عن سفاسف الأمور، متواضِعًا للصالحين، ذا سكينة ووقار، شريف النفس، عاليَ الهمة، دائبًا في نشر الخير، حريصًا على تبليغ الرسالة، ودعوة الناس إليها.

عن عبد الله بن عمرو أن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((من قرأ القرآن فقد استدرج النبوَّة بين جنبيه، غير أنه لا يوحى إليه، لا ينبغي لصاحب القرآن أن يَجِد مع من وجد، ولا يجهل مع من يجهل، وفي جوفه كلام الله))[31].

وهذه الأخلاق فهمها أصحاب النبي الكريم - صلَّى الله عليه وسلَّم - وتحلَّوا بها، وحرَصوا على نقلها لمن وراءهم.


قال عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه -: "ينبغي لحامل القرآن أن يُعرف بليله قائمًا إذ الناس نائمون، وبنهاره صائمًا إذ الناس مُفطِرون، وبعفَّة لسانه إذ الناس يهجرون، وبحزنه إذ الناس يفرحون، وببكائه إذ الناس يَضحكون، وبصمته إذ الناس يخوضون، وبخشوعه إذ الناس يختالون، وينبغي لحامل القرآن أن يكون مستكينًا ليِّنًا، ولا ينبغي له أن يكون جافيًا، ولا ممارِيًا، ولا صيَّاحًا، ولا صخَّابًا، ولا حديدًا - أي: سريع الغضب -"[32].

وعن الحسن البصري - رحمه الله - قال: "إن من كان قبلكم رؤوا القرآن رسائل من ربهم، فكانوا يتدبرونها بالليل، ويُنفِّذونها بالنهار"[33].


وقال الفضيل بن عياض - رحمه الله -: "ينبغي لحامل القرآن أن لا يكون له حاجة إلى أحد من الخلفاء فمن دونهم، فحامل القرآن حامل راية الإسلام، لا ينبغي له أن يلهو مع من يلهو، ولا يسهو مع من يسهو، ولا يلغو مع من يلغو؛ تعظيمًا لحق القرآن"[34].


خـاتمة:

وبعد أخي المسلم:

إن القرآن مائدة الله - عز وجل - يَدعو مُنادِيها صباح مساء: هلمَّ إلى قِرى الكريم، وضيافة العزيز الحكيم. فأقبل يا أخي، أقبل، ولا تتردد، تَزوَّد من مائدة القرآن؛ ففيها شفاء النفس من أمراضها، وسلامة الأجسام من أدوائها، وراحة الصدور من كآبتها وانقباضها، {قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ} [فصلت: 44].


إن نماذج الحياة على صعيد الفرد والدولة والأمة قد وضَّحها القرآن وبيَّنها، وتكفَّل بالسعادة والسيادة، والعزة والسُّؤدَد، لمن أقام الحياة على وَفق هديه، وفي ضوء تعاليمه.


وإن أمَّة أعرضت عن كتاب ربها، واتخذته وراءها ظِهريًّا، حَريَّةٌ أن يطول ليلها، ويدوم شقاؤها، ويستذلهَّا أعداؤها، وينهبون خيراتها، ويسومونها سوء العذاب.


فمتى يصحو عقلاء الأمة، ويحملون أنفسهم على منهج القرآن، ويقودون أمتهم إلى هذا النهج القويم؟!


إنَّنا لم نفقد الأمل، وما زلنا نتطلع إلى ذلك اليوم الذي نرى فيه شباب الدعوة ورجالها ربَّانيين في أخلاقهم، ربانيين في سلوكهم وتعاملهم، ربانيين في صداقاتهم ومعاداتهم، عندها نرجو لهم نصر الله الذي وعد عباده المؤمنين.

ــــــــــــــــــــــــــــــ

[1] رواه مسلم، 408

[2] رواه الترمذي.

[3] "صحيح البخاري"، كتاب فضائل القرآن، حديث رقم، 5027، 5028.

[4] رواه أبو دواد، والنسائي.

[5] "التبيان في آداب حملة القرآن"، للإمام النووي.

[6] المرجع السابق.

[7] رواه مسلم.

[8] رواه البخاري.

[9] متفق عليه

[10] رواه الترمذي و أبو دواد و النسائي و قال الترمذي: "حسن صحيح".

[11] التمر الرديء

[12] متفق عليه.

[13] رواه أبو داود.

[14] رواه البيهقي.

[15] رواه الترمذي.

[16] رواه الدارمي.

[17] رواه أبو داود و الترمذي، و قال الترمذي: حسن صحيح.

[18] متفق عليه.

[19] رواه مسلم.

[20] رواه الترمذي.

[21] رواه مسلم.

[22] رواه مسلم.

[23] رواه ابن حبان.

[24] متفق عليه.

[25] رواه مسلم.

[26] رواه الترمذي وقال: "حسن صحيح".

[27] متفق عليه.

[28] متفق عليه.

[29] رواه أبو داود، وهو حديث حسن.

[30] رواه البخاري.

[31] رواه الحاكم وصحح إسناده، ووافقه الذهبي.