مقاله: الحمد لله.. فقد قرأت الإنجيل! 




 بقلم عبدالله غازي المضف من صحيفة الرأي الكويتيه

لعل هذا النزاع الداخلي الذي لطالما ذبحني لسنوات طويلة قد بدأ يوم ان سألت نفسي: ان كان ربي قد أكرمني وخلقني مسلما.. فكيف سيكون مصيري لو خلقت يهوديا؟ او مسيحيا؟ او ربما بوذيا؟ كيف سأستدل على الاسلام وان كان اعلامهم يصوره بالقتل، والارهاب، وتعدد الزوجات؟ فخوفهم من اسلامنا لم يعد محل شك، ولربما كان رجال دينهم اشد حقدا ولؤما، فمثلما عرفنا شيخا عنجهيا يوبخ شبابنا امام الاعلام ويقول: تبا لكم!! فكيف سيكون حالهم اذن؟ كانت تلك الاسئلة تضرب رأسي قبل ان يباغتني رجل خمسيني لطيف بشارع -اوكس فورد- في لندن وهو يمسك بكتاب اخضر صغير، سألته: ما هذا؟ فقال مطرقا برأسه وقد لمعت عيناه: انه الانجيل! فعرفت حينئذ انه احد المبشرين المسيحيين، ومعه مجموعة اخرى توزع الانجيل بدأب نملة على باقي زوار الشارع.. كنت ارقبهم بحذر قبل ان تلفتني امرأة كويتية تصرخ بصوت متحشرج: «وخر وخر وخر!! استغفرالله!»، فقلت وبحسم: سآخذه! لم اتردد اطلاقا على الرغم من نظرات المرأة الغاضبة وقد رأيتها تتمتم بسخط، فانا لم اكفر! وانا على قناعتي الكاملة بأن مؤمن العقل لا يتزعزع ابدا مهما حاصرته الشياطين، بعكس مؤمن الفطرة.. وانا مؤمن العقل! وان كنت أُعاتبهم على خوفهم من الاسلام، فلماذا اخافهم اذن؟ عدت بشغف الى الفندق وفتحت «الانجيل» وبدأت بقراءة صفحاته الاولى بنهم وتركيز شديدين.. ومع انقضاء كل صفحة كانت ابتسامتي التي علت وجهي تكبر أكثر فأكثر، وشعرت حينها بفخر عجيب لكوني مسلما، فكلام الله بالقرآن الكريم يخترق القلب ويدمع العقل، اما كلام البشر فلا طائل منه.. وعرفت حينئذ أن علتنا تكمن بمن يتحدث باسم الاسلام، ومن يروج افكاره ويختصره بالعقاب، وجهنم، وعذاب القبر، وبلاء الدنيا! فما كان من اعلامهم الذكي الا ان يصطاد هؤلاء ويقدمهم لمشاهديه باسم الاسلام.. من هنا ايضا ترسخت قناعتي لان ابدأ رحلة البحث بنفسي، وان اطلق للعقل حريته في هذا الكون الفسيح بعيدا عن هؤلاء.. ولا بأس من ان اسأل شيخا او عالما عن فتوى او شك دون ان أعمي بصيرتي بما يقوله.. وبشرط ان يكون هذا الشيخ معتدلا، ولا يهين الشباب امام الاعلام، ولا يقول لهم «تبا لكم»، لا يسخر من شباب يشجعون كرة القدم على طريقتهم الخاصة! اغلقت الانجيل وانطلقت في اليوم التالي مرة اخرى الى شارع- اوكس فورد- ووقفت امام ذلك الرجل اللطيف بما احمله من فخر، وقلت له مبتسما: تفضل الانجيل.. فقد قرأته، وقد زدتني اسلاما!.